للاشتراك بمجموعة الفاجومى

الاثنين، مايو ١٤، ٢٠٠٧

رحلات سندباد الفاجومى

رحلات سندباد الفاجومى
*****
دقت أجراس السفينة معلنة الإستعداد للرسو فى ميناء إنتشيون الكورى الجنوبى وتوزعت مهام الرباط على ضباط السفينة وذلك كما هو متبع فى أصول المهنة فى مقدم السفينة وفى مؤخرها واستعد البحارة للخروج لمهمتهم بروح عالية وفرحة عارمة خاصة وانهم قد عانوا فى رحلتهم تلك من تقلبات جوية وعواصف شديدة....
وبينما تجمع البحارة فى ميس السفينة الخاص بهم تساءل أحدهم ... هى درجة الحرارة كام برة ؟ ورد الباشريس كبير البحارة وقد خط الزمان على وجهه ما دل على طول خبرته بتلك البلاد وقد سرح ببصره عبر النافذة وهو يرتشف من كوب الشاى الذى حمله بكلتا يديه طلبا للدفء ...تقل هدومك يا بنى الدنيا برد بره... أكيد برد دول -18 تحت الصفر طبعا تبقى برد ..! رددها أحد البحارة وهو يهرول إلى قمرته طالبا غطاءا صوفيا خاصا للرأس كان قد نسيه عندما قام من نومه ومن فراشه الدافىء مستجيبا لأجراس الإستعداد للرسو....
إقترب زورق المرشد من السفينة وبدا منه المرشد العجوز واقفا على سطح الإرتقاء إلى سلم المرشد الخاص والمدلى على جانب السفينة ، وقد وقف البحرى المنوطبه مهمة استقبال المرشد وتوصيله إلى الممشى ، وقف وقد بدا منه كم يعانى من شدة البرد بتكرار نفخه فى يديه و أسلوب محلك سر جلبا للدفء وتسلية للنفس...
وعندما حاذى زورق المرشد السلم على جانب السفينة قفز المرشد فى رشاقة ليست لمن فى سنه متعلقا بالسلم ومواصلا الصعود بينما بدا الزورق وهو تتقاذفة الأمواج صعودا وميلا وهبوطا كمن يرقص مبتهجا بإكمال مهمته على الوجه المطلوب وهو يبتعد متجها إلى سفينة أخرى تنتظر الإذن بالدخول وحاملا إليها مرشدا آخر كان على متنه منتظرا دوره الذى حان ......
رست السفينة بامان وقد أدى الجميع واجبهم بدقة باركها الربان بقوله للجميع .. الله ينور يا رجالة حمدا لله على السلامة... انصرف الجميع إلى قمراتهم استعدادا للنزول و لمس الأرض التى حنوا إليها فالسير على أرض الله نعمة لا يعلمها إلا الذى حرم منها ..فهى ثابتة لا تميل راسخة لا تميد ...أما السفينة فهى فى حركة دائبة بين ما يسميه البحارة الدرفلة ...عرضيا وهو الميل يمنة ويسرة وطوليا للأمام والخلف مما يصيب بدوار البحر المعروف والذى قل من ينجو منه وخصوصا عندما يستمر ذلك أياما طويلة تصل إلى الأسبوعين أحيانا.. نزلت وصديقى المهندس لا نلوى على شىء إلا أن نرى المدينة و داعين الله تعالى أن يرينا من خيرها وخير أهلها ..
لا حظنا ان الجليد القاسى يكسو الأرض وتنبهنا إلى أنه يجب الحذر الشديد عند السير حتى لا ينزلق أحدنا فيحدث ما لا تحمد عقباه وما أن خرجنا من الميناء وسرنا قليلا حتى ايقنا بفداحة ما فعلنا فلا أحد يسير فى الشارع إلا السيارات القليلة ومن يسير فهو كأنما يهرب من ظله وماهى إلا دقائق حتى وجدنا مقهى صغير على ناصية قريبه ، دلفنا إليه وقد بلغ بنا البرد شدته وما أن رأتنا المضيفة حتى هرعت إلينا وأجلستنا على طاولة أنيقة وقدمت إلينا كوبين من شراب ساخن مرددة كلمات بالكورية لم نفهمها ولكنها كررت بإنجليزية ركيكة أن هذا المشروب الساخن هدية من المحل وليس بمقابل وهو عبارة عن ماء مغلى به قليل من حبوب الشعير ... عجبنا من الكرم الكورى وطلبنا كوبين من القهوة الساخنة وتحدثنا معها عن مكان السوق فقالت مؤكدة أنه قريب جدا وبه الكثير من المطاعم الجميلة .... نظرت إلى صاحبى وقد تذكرت فجأة اننى لم أتناول غدائى وقد حان وقت المغرب الأن وغمزته أن دعنا نذهب إلى السوق لعلنا نجد مطعما تقربه أعيننا فنظر إلى صاحبى مؤكدا أن هيا وانتفض واقفا قائلا بل الأن فقد ذكرتنى أنى حقا جائع... انصرفنا بعد ان أكد علينا أصحاب المقهى تكرار الزيارة وعرضوا توصيلنا إلى السوق ورفضنا بلطف وانصرفنا وقد علتنا سعادة بمعرفة هذا الشعب النشيط والذى لديه حسن ضيافة واضحة... وصلنا السوق ووجدنا مطعما ظنناه مناسبا وأتى النادل عارضا طبق اليوم وله شوربة ساخنة فوافقنا ظنا منا انه سيأتى بأسماك كما هو واضح من الرسم على واجهة المحل ولكنه طمأننا أن طبق اليوم شهى جدا و ستحبونه حتما ..
أتى النادل بالشوربة وهم صاحبى بالرشف منها ولكنى استوقفته قائلا انتظر فقلبى يخبرنى ان هذا ليس سمكا كما نظن و ناديت النادل مرة أخرى والذى لم يكن يدرى عن الإنجليزية إلا كما أدرى عن الكورية ... كان على مقربة منى من يراقب وعرض المساعدة فأخبرته أن يترجم إذا كان له أن يساعدنا فتطوع مشكورا وسألته مم يتكون هذا الطبق ...
وجاءت إجابته واضحة سليمة يتردد صداها فى أذنى حتى اليوم..انها شوربة لحم الكلاب الشهية واليوم هو ميعادها الشهرى والذى له إحتفالية خاصة فى المطعم
*****
حسام الجمال
13/5/2007