للاشتراك بمجموعة الفاجومى

الجمعة، ديسمبر ٠٨، ٢٠٠٦

خيالات أطلنطس

خيالات أطلنطس
تستند أسطورة أطلنطس الشهيرة على رواية أفلاطون حين صرح بأن صولون أخبره نقلا عن كاهن مصري بهذه
الأسطورة و بأن حضارة مصر كانت قائمة قبلها بآلاف السنين. و بالرغم من هذا الشهادة الأخيرة و التي تغنى عن مزيدا من الكلام ألا إننا مع ذلك نرى أن رواية أفلاطون لا يمكن أن تعد قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس . فإذا كانت هذه الرواية مبنية على ما تعلمه صولون نفسه في مصر، فأين الدليل المصري على صحة كلامه، فحتى الآن لم يعثر على وثيقة واحدة تؤكد صحة روايته تلك. ويسرى الحال نفسه بالنسبة لحلم الرسول النائم الذي رأى فيه أن كل الأسرار مدفونة في حفرة صغيرة تحت ذراع أبى الهول ، والذي جاء على لسان أفلاطون نقلا عن صولون،ومن هنا يبرز التساؤل لماذا جاء الكلام على لسان أفلاطون نقلا عن صولون ولم يرد على لسان هذا الأخير نفسه؟ أ‌) الحضارة المصرية كانت كاملة منذ البداية و كأنها أخذت عن من طورها حتى صارت ما هي عليه. الرد: 1. الحجة في هذا القول أن المؤمنين بهذه الأسطورة يعرفون تماما متي بدأت حضارة مصر الفرعونية. و لكن حقيقة لا يوجد دليل واحد يساند نظريتهم في تحديد هذا التاريخ. فضلا عن أنه لا يمكن لأحد أن يصدق أن ذكر "المرة الأولى" في متون يوناس (المعروفة بمتون الأهرام) كانت تعنى بداية الحضارة المصرية. فالمرة الأولى إنما هي للدلاله على حدث مميز أخذ وقتا قصيرا ليتم. فكيف للمرء أذن أن يعقل أن حضارة ما من الممكن أن تستورد أو أن تبدأ بمجرد ضغطة على أحد الأزرار. 2. إذا درس أحدهم أساسيات طريقة التفكير المصري القديم فسوف يجد ما يدهشه من بساطة ووضوح ومنطقية وترابط هذا التفكير. (وهذا ما جعل تفكيرهم يتسم بالقوة. في هذا الصدد راجع كتابنا Egyptian cosmology – The complete harmony ) بينما طريقة تفكيرنا نحن في هذه الأيام ملتوية وغير متناسقة. ب‌) هناك الكثير من التشابه بين الحضارات القديمة مما يدلل على أنهم جميعا استقوا من نبع واحد. الرد: 1. الحقيقة ، أن هناك من الاختلافات ما يفوق بمراحل التشابهات. وإذا حاول المؤمنون بأسطورة أطلنطس تقرير نسبة التشابه مقارنة بنسبة الاختلافات، بطريقة موضوعية، فسوف تكون النتيجة تقريبا لا شئ. 2. كما أن كل الأجناس البشرية والحضارات المختلفة تربطهم صفة مشتركة لا يمكن تجاهلها، ألا وهي الإنسانية. و التي تجعلهم مشتركين في بعض الأشياء الغريزية حتما. و لا يعقل بالتالي أن ستشهد أحدهم بهذه المتشابهات الغريزية ليصنع منها أطلنطس الأسطورة. 3. كما أن مصر، في هذا الوقت ، كانت الدولة الأولى في العالم، كما هو الشأن بالنسبة للولايات المتحدة الآن، وليس غريبا أن تقتدي بها الدول والحضارات الأخرى وأن يأخذوا عنها الكثير. وبالتالي لا يمكن الاستناد علي هذه المتشابهات ليفترض أحدهم وجود أطلنطس الأسطورية هذه أو بأن مصر أخذت عنها حضارتها. ج) يدعي بعض الكتاب أن الحضارة المصرية بدأت فجأة وكانت متكاملة، وبالتالي يفترضون أن هناك من أعطى المصريين" أسرار الكون" وبالطبع من يكون هذا المعطى سوى حضارة أطلنطس المفقودة والتي كانت المصدر الأساسي و الرئيسي لكل العلوم في عالمنا هذا. الرد: 1. أما عن افتراضهم بأن الحضارة المصرية قد بدأت منذ 5000 آلاف سنة، فهو افتراض مغلوط تماما. فقد أختار مانيتون، المؤرخ المصري –اليوناني، والمعاصر لأول عهد البطالمة، أن يبدأ كتابة تاريخ مصر بداَ من الفرعون مينا 3000 سنة ق.م نتيجة للثراء الشديد للموضوع، و ذلك رغم علمه بقدم الحضارة المصرية الضارب في أعماق التاريخ. ولقد تم العثور على بعض البرديات و الألواح من عهود ما قبل الأسرات ولكنها للأسف لم تكن كاملة بسبب عوامل الزمن و عمرها السحيق ، وهذا يثبت أن الحضارة المصرية لم تأتي من لاشيء . 2. حروف اللغة الهيروغليفية تعكس بيئة المصري القديم و بالتالي لا يعقل أن يكون المصريون قد أخذوها عن آخرين. يمكنك أن تطلع على المزيد من الأدلة التي تثبت عراقة الحضارة المصرية القديمة (من 24000 إلى 36000 سنه) في الفصل الثالث عشر من كتابنا Historical Deception –The untold story of ancient Egypt) ) 3. إذا حاول أحدنا تتبع تاريخ أسلافه فسوف يصل لمرحلة لا يستطيع الاستمرار بعدها نتيجة لنقص المعلومات المتاحة. ولا يعنى ذلك انه من الممكن أن يدعى أن سلسلة نسبة قد انتهت عند ذلك الحد لمجرد عجزة عن تتبعها لأكثر من ذلك . و قياسا على ذلك لا يمكن أن ندعي أن حضارة مصر القديمة قد ظهرت فجأة ولم يكن لها أية مقدمات لمجرد أن وثائقها لا تأخذنا إلى عهد أبعد من عهد الأسرات.
طارق المملوك
16-2-2004

ليست هناك تعليقات: